استكشف روعة قلعة شقيف: رمز التاريخ اللبناني العريق

tourism trek
tourism trek 11 Min Read
قلعة شقيف

قلعة شقيف هي من أشهر وأهم المعالم التاريخية والأثرية في لبنان، تقع هذه القلعة المهيبة في جنوب لبنان، على قمة جبل شاهق الارتفاع.

شهدت هذه القلعة عبر التاريخ العديد من الغزوات والفتوحات التي أضافت إليها طابعاً معمارياً فريداً ومتنوعاً. إذ تُعتبر قلعة شقيف واحدة من أهم الوجهات السياحية في لبنان، نظراً لموقعها الاستراتيجي والطبيعة الساحرة التي تحيط بها. كما يجذب هذا المعلم الأثري الزوار من جميع أنحاء العالم الذين يأتون لاستكشاف تاريخها العريق وتمتع بمناظرها الخلابة. وفي هذا المقال من تورزم تريك، سنتعرف على تاريخ قلعة شقيف وأهم معالمها وما تمثله بالنسبة للتراث اللبناني.

تعرف على قلعة شقيف: أسرار الحصن التاريخي 

تقع قلعة شقيف والمعروفة أيضاً باسم قلعة شقيف أرنون في لبنان، على بعد حوالي كيلومتر واحد من بلدة أرنون. تم بناء هذه القلعة أصلاً من قِبَل الرومان، وزاد الصليبيون من حجمها وقوتها، قبل أن يقوم فخر الدين الثاني بترميمها في وقت لاحق. إن القلعة مبنية على صخرة شاهقة تُطل على نهر الليطاني وسهل مرجعيون والنبطية، وعلى الرغم من موقعها البارز، فإن تصميمها المتعرج مع الجبل والاستخدام للصخور المحلية في البناء يجعلها تبدو وكأنها “مختبئة” بين التضاريس الجبلية، مما يجعل معلمها صعب الرؤية من مسافات بعيدة.

تُعرف هذه القلعة في المصادر التاريخية باسم قلعة بوفور أي “الحصن الجميل.

 قلعة شقيف
قلعة شقيف

اين تقع قلعة شقيف؟ دليل الموقع الجغرافي والتاريخي  

تقع قلعة الشقيف في المنطقة الجنوبية من أرنون، ضمن قضاء النبطية في لبنان، وتطل على ارتفاع يناهز 710 أمتار فوق سطح البحر.

تتميز هذه القلعة بموقعها البارز على قمة جبلية، حيث تُشرف على المنطقة بأكملها ومجرى نهر الليطاني – المحور الرئيسي الذي يربط الساحل الجنوبي ببقاع لبنان ودمشق. ومن الجهة الغربية، تطل القلعة على الساحل اللبناني وعدد من القرى والمدن المحيطة. 

أما من الشرق، فتواجه مشهداً خلّاباً للوادي وجريان النهر، بالإضافة إلى جبل الشيخ الشامخ وسلسلة الجبال الشرقية في لبنان. وفي أيام الطقس الصافي، يمكن رؤية الجولان السوري المحتل وقرى الجليل الأعلى في فلسطين، إلى جانب وادي الأردن وغيرها من المواقع البعيدة. لذلك فإن موقع هذه القلعة الاستراتيجي والخلّاب جعلها معلماً بارزاً في المنطقة على مر التاريخ.

أهم المعلومات عن المتحف الإسلامي

تفاصيل ووصف قلعة شقيف: أسرار الحصن التاريخي 

تقوم قلعة الشقيف على نتوء صخري مرتفع، وقد شكّلت طبيعة موقع القلعة بشكل كبير هندسة مبانيها، فجاء البناء متعرج وشبه مستطيل في تخطيطه. ومن الناحية الشرقية، تطل القلعة على وادٍ عميق يجري فيه نهر الليطاني. أما من الجهات الأخرى الثلاث، فقد أحيطت بخندق حفر في الصخر، عمل على عزل القلعة عن محيطها، ويُعتقد أن هذا الخندق قد أقام فيه فرسان الهيكل حصناً أطلقوا عليه اسم “الحصن الجديد”.

كما أن التموضع الجغرافي المتميز للقلعة على قمة صخرية والتحصينات الدفاعية المحيطة بها قد منحها موقعاً استراتيجياً فريداً على مر التاريخ. لذلك فإن قلعة الشقيف تتكوّن من ثلاث طبقات، إلا أن الطبقة الثالثة قد تهدّمت بالكامل على مر الزمن، ويُحيط بالقلعة سور بُني في القرن الثاني عشر الميلادي. وخلال القرن الثالث عشر، شهدت القلعة العديد من التعديلات والتحصينات الدفاعية، فقد تم تعزيز الجانب الجنوبي منها ببرجين دائريين ضخمين. كما أضيف برج مربّع الشكل وآخر مسدّس لتقوية الجوانب الدفاعية للقلعة.

بالإضافة إلى ذلك، تم إنشاء قاعة على الطراز القوطي، وكذلك إنشاءات سكنية عائدة للحقبتين العربية والعثمانية. أما على المستوى السفلي للقلعة، فيضم اصطبلات وقاعات للرماية والتخزين والمعاقل والترسانة، كما عُثر على مجموعة كبيرة من الخزانات المحفورة في الصخر بالجهة الغربية، إضافة إلى أحواض ضخمة داخل القلعة كانت تُستخدم لتجميع المياه اللازمة في أوقات الشح أو الحروب.

أهمية قلعة شقيف التاريخية: منارة للأحداث الكبرى في لبنان 

تعد قلعة شقيف من أشهر المعالم في لبنان نظراً للموقع الاستراتيجي الذي تمتاز به قلعة شقيف في جنوب لبنان، شهدت أحداثاً تاريخية عدة. ففي الفترة الصليبية، استُخدمت القلعة كحصن منيع من قبل مختلف الحضارات التي دخلت المنطقة، فقد قام ملك القدس “فولك” بانتزاع القلعة من حاكم دمشق، وسلّمها إلى حكام صيدا الصليبيين في العام 1138. إلا أنها لم تلبث أن سقطت بيد صلاح الدين الأيوبي بعد حصار دام سنتين.

وقد تمكن الصليبيون من استرداد القلعة سلمياً من حاكم دمشق، فاستقر فرسان المعبد في القلعة واستمروا في الدفاع عنها حتى سقوطها بيد الظاهر بيبرس، سلطان المماليك، في العام 1268، إلى أن دمّر الظاهر بيبرس أجزاء كبيرة من القلعة أثناء استيلائه عليها. وفي أوائل القرن السابع عشر، قام الأمير فخر الدين بترميم القلعة وتحصينها، إلا أن والي دمشق حافظ باشا قام بمحاصرة القلعة وقصفها بالمدفعية، مما أدى إلى تدمير أجزاء أخرى منها.

منتزه الملك عبدالله أروع مناطق السعودية للسياحة

معركة قلعة شقيف 1982: تفاصيل الحرب والصمود التاريخي

في 6 يونيو 1982، اندلعت بين قوات الجيش الإسرائيلي (IDF) وحركة التحرير الفلسطينية (PLO) في قلعة الشقيف، وكانت أجد  أوائل المعارك التي شهدتها حرب لبنان عام 1982، والتي أفضت إلى احتلال قوات الجيش الإسرائيلي للقلعة.

وقد شهدت القلعة تخريباً واسعاً على يد الجيش الإسرائيلي، فقد تعرضت لقصف متكرر قبل اجتياحها عام 1982. ومن ثم، استخدمها الجيش الإسرائيلي كمركز عسكري، وبذل جهوداً حثيثة لتدمير معالم هذه القلعة التاريخية، حيث تداعت وتشققت جدرانها بسبب الحركة المكثفة للآليات العسكرية داخل أسوارها.

علاوة على ذلك، شهدت القلعة تغييرات جذرية في تصميمها الهندسي، ففي خلال سنوات الاحتلال الإسرائيلي أدت الغارات الجوية والقصف المدفعي إلى تدمير البرج الرئيسي والجدران الخارجية للقلعة بشكل كبير. ولعل أبرز عمليات التشويه التي طالت الموقع هي ردم الخندق المحيط بتلة شقيف أرنون، فهذا الخندق الذي حفره الصليبيون لتأمين الدفاع عن القلعة، قام الجيش الإسرائيلي أولاً بردمه بالإسمنت، ثم قام ببناء تحصينات داخله.

وقبل انسحابه، كان الجيش الإسرائيلي يخطط لتفجير المرافق الموجودة ضمن الخندق، مما كان سيؤدي بالتأكيد إلى تدمير الموقع بشكل كامل. 

ولكن بتدخل من منظمة اليونسكو، تم تغيير طرق التفجير، مما أسفر عن حدوث المزيد من التصدّع والتشقّقات في جدران القلعة. واستمرت القلعة تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي حتى انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان في شهر أيار (مايو) من عام 2000.

معالم قلعة شقيف: جولة داخل الحصن الشامخ

تتكون قلعة شقيف من عدة طوابق، كل منها مبني بأسلوب حضاري مختلف، يعكس تاريخها الطويل والممتد من العصر الروماني إلى العصر العثماني. إن موقع القلعة الاستراتيجي جعلها نقطة مراقبة وحماية مهمة ضد الغزوات، إذ تم تصميم القلعة بطريقة تؤمن الاكتفاء الذاتي لسكانها، حيث تمكنت من تجميع مياه الأمطار على السطح واستخدامها طوال العام.

كما تتميز القلعة بموقعها المرتفع على ضفاف نهري الخردلي، الليطاني. كما كان يحيط بها خندق لمنع دخول الغزاة. وتتخذ القلعة شكلاً مثلثي الزوايا بأبعاد 160 متر طول و 100 متر عرض، وتتصل بها آبار محفورة في الصخر، ويحميها من الشرق مجرى مائي مهيب. بالإضافة إلى ذلك تحتوي القلعة أيضاً على صهاريج مائية في الجانب الغربي، كما تم حفر أحواض متعددة في الصخر الصلب وتغطيتها بعقود حجرية. ومن الجانب الشمالي، يوجد حوض مكون من جزء محفور في الصخر وجزء بُني فوقه. وتحيط بهذه الأحواض جدران منحدرة، وداخل القلعة توجد مجموعة كبيرة من الأحواض التي كانت تُخزن فيها المياه لتلبية احتياجات المدافعين أثناء الحصار.

القلعة محاطة من الجنوب والغرب بهو عميقة محفورة في الصخر، بعمق يتراوح بين 15 و36 متراً.

يتصل المدخل الرئيسي للقلعة من الجنوب الشرقي، بطول 120 متر وعمق 35 متر، ويوجد بناء بارز من طرفها الشمالي بطول 21 متر متجه نحو الشرق. أما الفناء الشرقي للقلعة فإن عمقه حوالي 16 متر،  المباني الخارجية انحدار يتراوح بين 6 إلى 9 أمتار.

على الجانب الجنوبي للقلعة، يوجد برجان على شكل نصف دائرة. ومن حيث البناء، تتميز القلعة بكونها مستطيلة وضيّقة، بحسب طبيعة الأرض التي شُيّدت عليها، دون تناسب هندسي بين طولها وعرضها. 

وتتكون حجارة البناء من قطع مربعة الزوايا، ليست كبيرة الحجم ولا محكمة النحت، كما يوجد حجر نافر وغير منحوت في وسطها.

الأنشطة السياحية في قلعة شقيف: تجربة لا تُنسى لعشاق التاريخ 

قلعة شقيف من اهم المواقع الأثرية في لبنان، وتقع على أعلى قمة جبل في محافظة الجنوب. كما يمكن القيام ببعض الأنشطة السياحية في قلعة شقيف وهي:

 قلعة شقيف
قلعة شقيف
  1. جولات سياحية للتعرف على تاريخ القلعة وتصميمها المعماري المميز: إذ يمكن رؤية البوابات القديمة والأسوار والخزانات والمباني الأخرى داخل القلعة.
  2. تسلق سور القلعة للاستمتاع بمناظر خلابة على المنطقة المحيطة: توفر القلعة إطلالات بانورامية رائعة على وادي الجنوب.
  3. زيارة المتحف الأثري داخل القلعة، والذي يعرض مجموعة من القطع الأثرية والتاريخية التي تم اكتشافها في الموقع.
  4. المشاركة في الفعاليات والأنشطة الثقافية التي تقام في القلعة مثل المهرجانات والعروض الفنية.

الأسئلة الشائعة

1- كم عمر قلعة الشقيف؟

بُنيت قلعة شقيف عام  1137 م خلال فترة الحملات الصليبية  على يد ملك بيت المقدس، أي يبلغ عمر القلعة ما يقارب 887 عام.

2- من بنى قلعة الشقيف؟

تقع قلعة شقيف أو ما يسمى بقلعة شقيف أرنون على بعد كيلومتر واحد تقريباً من بلدة أرنون في لبنان، حيث تشير الأدلة إلى أن هذه القلعة تم بناؤها في الأصل من قبل الرومان. وبعد ذلك، قام الصليبيون بإجراء بعض الإضافات والتوسعات على القلعة خلال فترة وجودهم في المنطقة. ومن ثم، قام فخر الدين الثاني بترميم وإعادة تأهيل هذا الموقع التاريخي البارز.

في الختام، تُعد قلعة شقيف أحد أبرز المعالم التاريخية والسياحية في لبنان، فهذا الحصن الشامخ على مر العصور شهد الكثير من الأحداث والتطورات المهمة في تاريخ المنطقة. وما زالت هذه القلعة الشامخة تُشكّل رمزاً للهوية الوطنية والثقافية للبنان، جاذبةً الآلاف من الزوار سنوياً لاستكشاف تاريخها العريق.

المصادر

ويكيبيديا 

Share This Article
Leave a comment