شكلت جزيرة فيلكا في الماضي محطة تجارية هامة على الطريق البحري الممتد بين النهرين وساحل الخليج العربي. كما أنها مركزاً دينياً ذا شأن في الخليج منذ القدم. كما أنها كانت من السبّاقين في تأسيس أحد أول المراكز الحضرية. كل ذلك جعلها معلم سياحي يقصده السياح من كل حدب وصوب نستعرض أدناه من تورزم تريك المزيد حولها وأبرز مسمياتها والآثار الموجودة فيها.
موقع جزيرة فيلكا: لؤلؤة تاريخية في مياه الخليج العربي
جزيرة فيلكا تعتبر من أشهر المناطق السياحية في الكويت، وهي واحدة من جزر الكويت تقع في الجزء الشمالي الغربي للخليج على بعد 20 كم من سواحل المدينة. يبلغ طولها 12 كم وعرضها 6 كم في حين تبلغ مساحتها الكلية 43 كم² وأعلى ارتفاع فيها 10 م، في حين أن طول الشريط الساحلي لها 38 كم.
مسميات جزيرة فيلكا عبر التاريخ: رحلة عبر العصور والحضارات
ذكر اسم جزيرة فيلكا في مؤرخات «أريان» سنة 170 ق.م إذ سميت «بإيكاروس» تيمناً بجزيرة إيكاروس الإغريقية الأصلية الواقعة في بحر إيجة. كما ذكر المؤرخ اليوناني «آريستوبوليس» بأن الإسكندر الأكبر قد أمر بتسميتها باسم الجزيرة التي توجد في بحر إيجه.
في حين ذكر بطليموس جزيرة «إيكارا» ضمن جزر الخليج، حيث يعود أقدم ذكر لها للمؤرخ «سترابو» الذي كتب في أواخر القرن الأول ق.م. إذ استنبط معلوماته من «إيراتوشنيس» في القرن الثالث ق.م حيث أرسله الإسكندر الأكبر مع أسطوله إلى الخليج، فكتب أنه شاهد منها المعبدين.
كما ذكر المؤرخ «بليني» أنه يوجد إيكاروس في الحملة التي أرسلها الحاكم السلوقي «أنطيوخوس الرابع» إلى الخليج، وقال المؤرخ «أريان» أنها كانت تغطيها الأشجار المختلفة وأنها مرعى للماعز والغزلان بعد تحريم صيدها نظراً لكونها كانت تقدم قرابين للإلاهة أرتميس.
تشير الاعتقادات بأنها سُميت نسبة إلى الإسكندر الأكبر، حيث أن اسمه الحقيقي «ألكساندر بن فيلاقوس».
خريطة فيلكا
تعود أقدم خريطة ملاحية لها إلى عام 1563 حيث رسمها البرتغالي لازارو لويس وأطلق عليها اسم إليا ده أكوادا والذي يعني جزيرة الماء، نظراً لوجود الماء فيها.
ثمّ بدأ رسامو الخرائط والملاحون الأوروبيون يسترجعون تسميتها المحلي، فقد أطلق عليها بيلوجي اسم (Peleche)، في حين بقيت بعض الخرائط تسميها أكوادا وبيلوجي. كما رسم ضابط بحري فرنس خريطة ملاحية أطلق عليها مسمى دابريه دي مانيفيليت عام 1740 في حين أطلق على الجزيرة مسمى بيلوش أو فيلجا.
الآثار في جزيرة فيلكا: كنوز تاريخية تحكي قصص الحضارات القديمة
وجد في الجزيرة سنة 1937 يالصدفة حجر مكتوب عليه كتابة يونانية تسمى «حجر سويتلوس»، حيث بدأت بعثة دنماركية عمليات الاسكتشاف في الجزيرة سنة 1958 فاكتشفت تلال أثرية ترجع إلى الألف الثالث قبل الميلاد أي العصر البرونزي.
كما استمروا في التنقيب لمدة 41 يوما إذ بدأت في الحادي عشر من شهر فبراير سنة 1958 لمدة خمسة مواسم من ذلك العام.
نقلت البعثة الدنماركية بعض من الآثار المكتشفة زاعمين أنهم يرغبون في بقاءها قربهم بسبب عدم وجود قانون لحماية الآثار في الكويت آنذاك.
فيلكا أحد مراكز دلمون
اتفق العلماء الوافدين إلى الجزيرة أنها كانت أحد مراكز حضارة دلمون المؤلفة من البحرين والساحل الشرقي.
- يؤكد ذلك وجود بعض النقوش الكتابية حفرَت على قطع وأختام في بعض الأحجار، كما وجد كسر لحجر مكتوب عليه اسم إله حضارة دلمون «إنزاك»، وآخر يسمى «معبد إنزاك» في أطلال المعبد في المدينة الدلمونية في فيلكا، إضافة إلى 90% من النصوص ذكر فيها اسم الإله «إنزاك».
- كما وجدوا فخاريات حمراء تسمى فخاريات دلمون، إضافة إلى مبنى كبير يطلق عليه اسم قصر الحاكم، تحتوي مقدمته غرف تستخدم للاستقبال والإدارة، وخلفه القسم السكني فيه. كما يتألف من فناء تحيط بها غرف للسكن والتخزين، كما عثروا على أحواض لصهر المعادن قرب القصر.
- كما وجدوا عدد كبير من الأختام عددها 600 ختم، أطلق عليها اسم أختام دلمون إضافة إلى عدد من أدوات الحفر قربها.
- بقيت حضارة دلمون مزدهرة إلى وسط الألف الثاني قبل الميلاد، ثم اتصلت بعدها الجزيرة مع الحضارة الكاشية في الفترة الواقعة بين القرنين ١٣ و ١٥ قبل الميلاد، كما نشطت أعمال البناء آنذاك، حيث بنوا بيوت اجديدة فوق القديمة وفق الأشكال المعمارية الحديثة.
- كما تبدلت الأختام التي استعملتها الجزيرة آنذاك مستعينين بالأختام الأسطوانية، كما تم ترميم المعبد الدلموني وبقي الإله «إنزاك» كبير آلهة دلمون.
قلعة مربعة في جزيرة فيلكا: حصن أثري يعكس عبق التاريخ
سنة 1200 ق.م ترك السكان الجزيرة فجأةً كما تركز الاستيطان في العصر الهيلينستي في أكثر من موقع فيها هذا وقد وجدَت آثار قلعة مربعة ترجع إلى ذلك الحين محصنة من زواياها الأربع بأربعة أبراج، وتمتلك بوابتان. كما وجدوا معبدين: الأول له طراز إغريقي مبني من حجر سطحه مستو، كما وجد أمامه لوح حجري مكُتوب عليه اسم إيكاروس، يحتوي خطاب موجه من «إيكاديون» حاكم سوسة السلوقي إلى «إنكزارخوس» يكون حاكم إيكاروس.
مفاده تعليمات بنقل معبد الإلاهة أرتميس وإقامة مكانه مسابقات رياضية وثقافية، كما تحدث عن إعفاء المزارعين من الضرائب وعدم السماح بتصدير المحاصيل خارج الجزيرة.
كما وجد أساسات كنيسة تشبه الكنائس الشرقية، ترجع إلى القرنين الخامس والسادس للميلاد. ومن أبرز الاكتشافات الأثرية فيها هو منزل فيه اثني عشر غرفة.
متحف فيلكا: نافذة على تاريخ الجزيرة وحضاراتها القديمة
وفي السابع والعشرين من أبريل سنة 1966 أصدر الأمير مرسوم مفاده ضم إدارة الآثار والمتاحف إلى وزارة الإعلام. نتيجة لذلك، بدأت مراجعة سجلات الموظفين المرافقين للبعثة الدنماركية لاكتشاف آثار فيلكا، حيث تبين أن بعضها غير موجودة بالكويت. كما ذكرت الدوريات الأجنبية أن البعثة الدنماركية تضمنت صورا لبعض المكتشفات في فيلكا في متحف آرهوس، فسافر المسؤولون إلى الدنمارك وشاهدوها في متحث آرهوس وتأكدوا من وجودها.
بنى «طارق السيد رجب» أول متحف في جزيرة فيلكا في منزل الشيخ «أحمد الجابر الصباح» ثم نقلت موجودات المتحف إلى متحف الكويت الوطني في التاسع من سبتمبر سنة 1997 لحفظها بعد أن تدمرت خلال حرب الخليج الثانية.
في السادس من يونيو 2005 افتتح معرض آثار الجزيرة في مدينة ليون الفرنسية، لإبراز أهميتها وإبراز التعاون بين الكويت وفرنسا فيما يتعلق بالآثار. ثم أعلنت الحكومة اليونانية في السابع من أغسطس عام 2007 أنها ستتفق مع حكومة كويتية للتنقيب عن آثار الجزيرة، خاصة آثار الإسكندر الأكبر والحصون والمعابد، في منطقة المدينة القديمة «أكاريا».
ثم وجدت البعثة الدنماركية اكتشافات جديدة في الجزيرة في السادس من يناير سنة 2009.
الأسئلة الشائعة حول جزيرة فيلكا
أبرز الأسئلة الشائعة حول جزيرة فيلكا:
- ما قصة جزيرة فيلكا؟
وقعت في جزيرة فيلكا معركة أثناء الغزو بين القوات الكويتية التي كانت تدافع عنها المكونة من ثلاث سريات: الأولى مشاة والثانية قوة حدود والأخيرة دفاع جوي، انتهت بالاستيلاء عليها وأسر القوة الكويتية يوم الجمعة الموافق من الثالث لأغسطس.
- ما معنى اسم جزيرة فيلكا؟
يقصد باسم «فيلكا» نقطة تمركز أو موقع بعيد وهي كلمة إغريقية.
- هل يوجد سكان في فيلكا؟
نعم، يوجد حوالي 5832 نسمة في فيلكا.
- ماذا يوجد في جزيرة فيلكا؟
يوجد في الجزيرة عدة أماكن كان يزورها السياح في الماضي بما يتضمن: مزار الخضر، موقع القرنية، وغيرها.
باختصار، جزيرة فيلكا من أبرز وأجمل معالم الكويت السياحية فقد جمعت جمال الطبيعة والتضاريس مع عبق التاريخ والعراقة.