تتميز قلعة حلب المهيبة بضخامتها فهي من أكبر وأعرق القلاع حول العالم يعود تاريخها إلى عصور قديمة جداً. تاريخها حافل بالأحداث حيث كانت منطلق وقاعدة لعدة حكام والملوك كما عاصرت أبرز أحداث الشرق بدءاً من عصر الآراميين إلى العصر الاسلامي.
وفي الوقت الحالي تعتبر أحد المعالم السياحية والدراسات الأثرية، حيث يستعمل مدرجها لإقامة الحفلات الموسيقية والفعاليات الثقافية.
نتحدث أدناه من تورزم تريك المزيد عن موقعها وشكلها ومراحل بناءها على مصر العصور.
موقع قلعة حلب: حصن تاريخي شامخ في قلب المدينة القديمة
تقع قلعة حلب في شمال سوريا، وتعد من أشهر المناطق السياحية في سوريا، تربع على تلة تتوسط المدينة يحتاج الصعود إليها درج اومدرج ضخم يمر من خلال بوابة عالية تتوضع في المنتصف ومقام متوضع على قناطر متدرجة الارتفاع حتى بوابة القلعة الرئيسية.
- يحيط بها سور شكله شبه دائري وعدة أبراج ترجع لمختلف الحضارات، في داخلها يوجد مدينة تتكون من مباني ومساجد وكنائس ومخازن وقاعات ومسرح وساحات وحوانيت وغير ذلك من الآثار.
- لقد تم الاهتمام بها في عهد السلطان الملك الظاهر غازي بن صلاح الدين، حيث أنشيء فيها البوابة الرئيسية وبعض المنشأت الأخرى.
- يتألف المدخل الرئيسي للقلعة من بناء ضخم مكون من أبواب ودهاليز وقاعات للدفاع والذخيرة، يعلوه قاعة كبيرة تسمى قاعة العرش مزينة واجهتها بزخارف حجرية وغرف و قاعات وعدة نوافذ منها صغير والآخر كبير مطلة على مناظر جميلة في حلب القديمة.
وصف قلعة حلب: حصن شامخ يجمع بين العظمة العسكرية والتاريخ المعماري الفريد
تعلو القلعة عن المدينة 40 م تعود أسوارها وأبراجها إلى عصر نور الدين زنكي، ويحيطها خندق عمقه 30 م.
- يتم الدخول إليها من بوابة ضخمة عبر برج دفاعي له شكل مستطيل، في نهايته مدخل كبير، يتألف من دهليز منتهي بباب ضخم مصنوع من الحديد المطرّق، وفي أعلاه فتحات للمرامي والمحارق.
- في أعلى الباب يوجد قنطرة حجرية عليها نحت يمتد على طولها يرمز إلى ثعبانين برأس تنين.
- يليه دهليز آخر في جدرانه أواوين، وفي الإيوانه الشمالي باب موصول مع درج ينتهي بقاعة الدفاع.
- كما تحتوي القلعة باب رابع خشبي يعلوه ساكف عليه منحوت عليه أسدين متقابلين. وبعده مصاطب مرتفعة تتخللها غرف ومستودعات. بعد ذلك يوجد ممر داخلي تتخلله مباني وحوانيت، ودرج في نهايته القصر الملكي.
- بعد ذلك يوجد مسجد إبراهيم الخليل على جدرانه كتابات تأريخية، ثم يوجد مسجد ذو مئذنة مربعة.
- كما يوجد رابية يتوسطها قاعة كبيرة، يمكن الوصول إليها عبر 70 درجة كانت مستودعاً للحبوب والعلف.
- يتخذ سور القلعة شكل إهليجي تتخلله أبراج مربع والآخر دائري، ويكون ارتفاع السور ١٢م مبني من الحجر.
- يوجد برجان المدخل المرتفع وبرج المدخل السابق للجسر، يقابله من الجنوب برج ضخم على سفح جدار الخندق المكسو بالحجر.
- ينتهي البرج بباب سري يؤدي إلى قصر العدل، بعده قاعة حمام يوجد ممر يودي إلى ساحة في منتصفها حوض ماء.
الآثار في قلعة حلب: شواهد تاريخية تعكس حضارات قديمة ومعالم معمارية فريدة
كانت الرابية مقراً لمعابد حثيّة وآرامية، حيث اكتشفَ في المتحف آثار تؤكد ذلك، ثم أصبحت في العصر الإغريقي اكروبول المدينة، وبقيت على هذا الحال إلى أن اقتحمها العرب المسلمون.
- يحكى أن ذلك حصل من خلال فدائيين عرب تخفّوا بجلد الماعز، فبدوا كالقطيع يقضم العشب عبر سفح الرابية، وكان الروم في احتفال وسكر ونشوة، فقتل الفدائيون حامية البوابة، وفتحوا الأبواب بعد إشعال النيران علامة من المهاجمين الذين دخلوا القلعة، وأخرجوا من كان فيها من جند وسكان.
- ثم استقر بعد ذلك الحكم العربي الإسلامي فيها حيث صدت هجوم الروم والمغول والتتار، فكان أول من استخدمها سيف الدولة الحمداني تلاه المرداسيون وبعدهم آل سنقر ثم رضوان بن تتش أصلح فيها، ولكن بناها الأيوبيين على شكلها الحالي.
العصر الروماني
يعود تاريخ بناء قلعة حلب الى زمن من قادة الإسكندر المقدوني حيث اختار التل ليكون معسكراً لجنوده، وعندما احتل الرومان تلك البلاد أضافوا لها منشآت لازالت آثارها إلى الوقت الحاضر.
- ثم ترك البيزنطيين فيما بعد بصماتهم فيها، في حين ترك الفرس فيها الخراب والدمار يوم عصفت بها جيوشهم عندما انتصروا على البيزنطيين، ثم عادوا إليها ورمموا ما خربه الفرس وأضافوا المزيد من التحصينات والتعزيزات
- ثم حاصرتها جيوش العرب سنة 636 م، لكنها صمدت لما تمتلك من تحصينات وعتاد ومؤونة حتى استطاع الفاتحون الاستيلاء عليها من خلال الحيلة والدهاء، حيث استولوا بداية على باب من أبوابها ثم أسروا قائدها البيزنطي.
- كان أول من اهتم بها في العصر الإسلامي الأمير سيف الدولة الحمداني، حيث أمر بعمارتها وتحصينها، فبنى سوراً لمدينة حلب، نظراً لصراعه العنيف مع البيزنطيين، حيث أصبحت مقراً لإقامته ولكل الحكام من بعده.
- بعد ذلك، بنى فيها نور الدين الزنكي عدة أبنية ثم رمم القلعة كلها، وأعاد بناء السور، وبنى مسجداً، لكنها شهدت إزدهاراً كبير في عصر الظاهر غازي بن صلاح الدين الأيوبي إذ ترك آثاراً عسكرية معمارية هامة.
- ثمَّ في العصر المملوكي، جدد الأشرف خليل بن قلاوون بناءها، ثم تلاه السلطان الملك الناصر برقوق، لكن حدثت آخر الترميمات في زمن آخر سلاطين المماليك قانصوه الغوري.
الغزو المغولي
تعرضت للغزو المغولي عام 658هـ، فهدم معالمها، ثم تحررت بعد انتصار العرب عليهم في عين جالوت، ثم رمم الملك الأشرف ما تهدم منها. ثم هدمها تيمورلنك الأعرج عام 803ه وأعاد المماليك ترميمها فيما بعد.
الفترة العثمانية
احتل العثمانيينرقلعة حلب سنة 923هـ، ثم قدم إليها إبراهيم باشا بن محمد علي باشا من مصر سنة 1831، وبقيت تحت سيطرته حتى سنة 1257هـ، فأنشأ الثكنة وجعل منها مقراً لجنوده.
الانتداب الفرنسي
استمرت مرابطة الجنود في القلعة في عهد الانتداب الفرنسي، حيث استمر ٢٥ سنة، ثم باشر الفرنسيون بعمليات التنقيب والترميم في الثلاثينيات، كما جدوا القاعة المملوكية وركبوا سقف مسطح جديد لها.
العصر الحديث
تم بناء مدرج حديث على سطح القلعة سنة 1980 م، ويتسع ل 3000 متفرج، هذا واخذت القلعة شكلها الحالي اليوم على تل ذو قاعدة بيضاوية بطول 450 م وعرض 325 م، في حين ارتفاع التل 50 م.
أهم معالم قلعة حلب: أبراج، أسوار، وقاعات تاريخية تروي قصص الحضارات القديمة
من أبرز معالم قلعة حلب:
الأبراج
تضم قلعة حلب عدة أبراج وأبرزها:
- البرج الأول له شكل مستطيل، تم تجديد بناؤه في نهاية حكم المماليك في عهد »قانصوه الغوري«. الدليل على ذلك الكتابات المنقوشة إضافة إلى نتواءات لإلقاء القذائف والحمم الملتهبة على المهاجمين.
- ثم تجد بعد مسافة قصيرة البرج الثاني، كما يوجد برج السفح الجنوبي خارج السور يرتفع على نصف منحدر سفح القلعة في مسافة متوسطة بين الخندق والسور بابه متجه إلى جهة الشمال.
- إضافة إلى برج السور الشمالي يتصل بالثكنة التي بناها إبراهيم باشا من خلال درج.
- كما تجد برج السفح الشمالي، يقع خارج السور وسط السفح متكون من أروقة، وفي جهة الجنوب منه يوجد ممر يؤدي إلى البرج الكبير في السور الشمالي من القلعة، يرجع إلى القرن الخامس عشر الميلادي.
الأبواب
تمتلك قلعة حلب عدة أبواب أبرزها:
- باب الحيات: باب البرج الرئيس يعرف بأنه غليظ الشكل، مصفحاً بمسامير حديدية ضخمة. مصراعاه مزين بكل من الشرائط الأفقية، وحدوات الخيل، وتعلوه كتابات تدل إلى تاريخ ترميمه.
- ثم تجد باب ثامدي، مزين أعلاه بنقش صورة أسدين في وضعية تقابل يفصلهما شجرة.
- كما يوجد باب ثالث يؤدي إلى ممرات وقنوات القلعة السرية.
- في حين يوجد الباب الرابع أمام ضريح »الخضر« يوجد في أعلاه نحت على هيئة أسدين: الأول يضحك والثاني يبكي. يعتبر إنجاز من إنجازات القرن ١٣ الميلادي.
- إضافة إلى ذلك يوجد باب الجبل شرق باب القلعة تم بناءه عام 1214م.
- في حين يقع الباب الشمالي في الجهة الشمالية من سور القلعة.
- أما باب السر فهو يقود إلى باب الأربعين قرب حمام السلطان على شفير خندق القلعة لكن من الجهة التي تقابلها.
القاعات
يوجد في القلعة 5 قاعات أساسية وهي:
- قاعة الدفاع الكبرى تتكون من عدة حجرات في جوار بعضها، تطل على مدخل القلعة الرئيسي بشكل مباشر، كما أنها مزودة بكوات وثغرات بارزة تفبد في رماية العدو بحمم القذائف الملتهبة والسوائل النارية والسهام.
- كما توجد قاعة الدفاع الأولى، وحجرات الدفاع والمستودعات.
- كما يوجد في زاويتها الشمالية الغربية «كوة» تقود إلى مستودع كبير تخزن فيه الحبوب والمؤن والأعلاف.
- قاعة العرش: تعد من أكبر وأهم القاعات شيدها قايتباي، يتكون سقفها من 9 قباب ترتكز على 4 دعائم كل منها زخارف من العهد مملوكي. يوجد في الحائط الجنوبي منها نافذة كبيرة مطلة على المدينة، كما تحتوي 8 نوافذ صغيرة في مختلف أرجائها.
القصر الملكي
تحتوي قلعة حلب قصر ملكي جميل له باب كبير في أعلاه مقرنصات مشيدة بحجارة ذات لون أسود وأصفر شكلها مداميك متساوية، وأرضه مبلطة بالرخام والمرمر والحجر المصقول، يتوسطه حوض ماء، وأنشئ في جداره سبيل ماء مع حمام مكون من 9 حجرات والعاشرة لخلع الثياب، كما جهزها بأنابيب من الفخار للمياه الحارة والباردة كما يوجد فيها مسجد إبراهيم الخليل، الذيب ناه نور الدين زنكي كما رمّم عدة مرات وآبار.
الساتورة والبئر الهلنستي والممرات تحت الأرض
امتد بناء القلعة إلى تحت الأرض، حيث أن آباراً عديدة منها الساتورة (البئر الأيوبي)، والبئر الهلنستي، تخترق الأرض حيث تصل إلى عمق 125 م تحت سطح. أما الممرات تحت الأرضية تتصل بالأبراج، وقد تمر تحت الخندق لتصل إلى داخل المدينة.
الأهمية العسكرية لقلعة حلب: حصن استراتيجي للدفاع ومركز قيادي عبر العصور
تعكس عمارتها التطور الذي وصلت إليه فنون العمارة العسكرية من خلال أشكال الأبراج حيث أخذت أشكال مربعة ومستطيلة وسداسية كما أن شكل المدخل متعرج والأعمدة عريضة.
كل ذلك يعطي الجدار تماسك بالإضافة إلى المسامير الحجرية فيه، كما يوجد عدة كوات لرشق السهام والأبواب المصنوعة من الحديد.
كما يوجد ممر خارجي يسمح للمدافعين بضرب المهاجمين إذا استطاعوا كسر خط الدفاع الأول.
الأسئلة الشائعة حول قلعة حلب
- من بنى قلعة حلب ولماذا؟
كان الأمير سيف الدولة الحمداني ؟اول من أمَرَ بعمارة قلعة حلب وتحصينها.
- من مدفون في قلعة حلب؟
يوجد في قلعة حلب قبر سليمان شاه.
- كم باب في قلعة حلب؟
يوجد 4 أبواب في قلعة حلب.
باختصار، قلعة حلب من أهم المعالم السياحية والتاريخية في سوريا لها تاريخ عريق على مختلف العصور جعلها أثرية بامتياز.