دليلك الشامل لاكتشاف الآثار الرومانية في لبنان

tourism trek
tourism trek 11 دقيقة قراءة
الآثار الرومانية في لبنان

الآثار الرومانية في لبنان هذا البلد الثري بالتاريخ والحضارات القديمة التي تركت بصماتها على أرضه. فمن أبرز هذه الحضارات هي الحضارة الرومانية التي تركت العديد من الآثار الرائعة في مختلف أنحاء لبنان. وفي هذا السياق، سنكتشف في هذا المقال أهم المدن والمعالم الأثرية التي تعكس عظمة الحضارة الرومانية وإرثها الثمين على هذه الأرض، من أطلال المدن القديمة إلى المسارح والمعابد والقصور والحمامات العامة.

تابع معنا هذا المقال من تورزم تريك.

معلومات مفصلة حول الآثار الرومانية في لبنان: تراث لا يُنسى

تنتشر البقايا الأثرية والمعالم الرومانية من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب في لبنان، ومن الشرق البقاعي إلى غرب سلسلة الجبال الغربية. هذا الإرث الحضاري الثري يشهد على تاريخ هذه المنطقة الغني والممتد لقرون عديدة، في ظلال امتداد الإمبراطورية الرومانية التي جعلت البحر الأبيض المتوسط بمثابة “بحيرة رومانية”.

كما تتميز هذه المعالم الأثرية بالعديد من الصفات البارزة التي تعكس مدى عظمتها وأهميتها التاريخية والمعمارية، فهي تجمع بين الطابع البنائي المُميز، والأعمدة الفخمة، والبناء الضخم المزين بالزخارف والنقوش الرائعة، والمنحوتات الأنيقة. إلا أن بعضها قد تعرض لأضرار بالغة، في حين يحافظ البعض الآخر على طابعه الأصيل، محتفظاً بخصائص هذا الإرث المعماري الضخم. ومن أبرز هذه المعالم نجد المعابد الرائعة في بعلبك، والتي تُعتبر من أهم المواقع والآثار الرومانية في لبنان وحتى على المستوى العالمي.

الآثار الرومانية في لبنان
الآثار الرومانية في لبنان

تاريخ الرومان في لبنان: تأثيرات خالدة عبر العصور

لعبت المنطقة التي تشكل اليوم لبنان دوراً مهماً ضمن الإمبراطورية الرومانية، فقد كانت المناطق الساحلية اللبنانية جزءاً من الولايات الرومانية في سوريا والفينيقية. وقد بدأ الوجود الروماني في لبنان في العام 64 قبل الميلاد، عندما خضعت المنطقة للسيطرة الرومانية بعد سلسلة من الحروب بين الرومان والممالك الهيلينستية في المنطقة، وشهدت هذه الفترة تطوير البنية التحتية والمدن في لبنان وازدهار التجارة. كما ترك الحكم الروماني بصماته الواضحة على المجتمع اللبناني، من خلال عدة عناصر مثل:

  • البنية التحتية: إنشاء الطرق والجسور والمرافق العامة.
  • المدن: تطوير المدن الساحلية كطرابلس وصيدا وبيروت.
  • الثقافة: انتشار اللغة اللاتينية والديانة المسيحية.
  • الفنون والعمارة: ظهور طرز معمارية رومانية.

ولهذا السبب، ظلت لبنان جزءاً من الإمبراطورية الرومانية حتى القرن السابع الميلادي، عندما دخلت المنطقة ضمن الفتوحات الإسلامية.

أهم الآثار الرومانية في لبنان: مواقع تاريخية تأخذك إلى الماضي 

انطلقت الحضارة الرومانية من مدينة روما الصغيرة الواقعة على ضفاف نهر التيبر في إيطاليا. وبمرور الوقت، نجحت روما في التوسع وتحويل نفسها إلى إمبراطورية عظيمة كانت تمتد من إنجلترا شمالاً إلى شمال أفريقيا جنوباً، ومن المحيط الأطلسي غرباً إلى نهر الفرات شرقاً.

فقد سيطرت الإمبراطورية الرومانية على كامل جزيرة بريطانيا لمدة 400 عام، وامتدت إلى المناطق الواقعة غرب نهر الراين في أوروبا الغربية، وكذلك المناطق الجنوبية لنهر الدانوب في أوروبا الوسطى، كما امتدت نفوذها إلى جنوب نهر الفرات في آسيا الصغرى، وشمال أفريقيا، والمناطق المطلة على البحر الأبيض المتوسط بأكملها، بما في ذلك لبنان.

هذا التوسع الجغرافي الكبير مكَّن الحضارة الرومانية من أن تصبح واحدة من أعظم الإمبراطوريات في التاريخ القديم، وتركت بصماتها الواضحة على العديد من المناطق التي خضعت لسيطرتها، ومن أبرز هذه البصمات التي تركتها هي الآثار الرومانية في لبنان والتي هي: 

المعلم البعلبكي: أحد أعظم المواقع الرومانية في الشرق الأوسط 

المعلم البعلبكي هو مجمع معماري ضخم من العصر الروماني، يتكون من ثلاثة معابد رئيسية، أكبرها هو معبد “جوبيتر”، الذي يتميز بستة أعمدة ضخمة لا تزال واقفة حتى يومنا هذا، بارتفاع 22 متراً، وقد استغرق بناؤه أكثر من ثلاثة قرون، حيث تعاقب على إنشائه عدد من الأباطرة الرومان. بجوار معبد جوبيتر، يوجد معبد أصغر حجماً نُسِب إلى الإله “باخوس”، بينما يقع في الجهة المقابلة معبد مستدير كان مُخصصاً لعبادة “الزهرة”.

إذ بني هيكل “باخوس” في القرن الثاني الميلادي بمحاذاة المعبد الكبير، ويُعتبر من أفضل الهياكل الرومانية من حيث النقوش والزخارف المعمارية.

أما المعبد الثالث في المجمع فهو هيكل “الزهرة”، الواقع في الجنوب الشرقي من القلعة، هذا المعبد المستدير الصغير يتميز بتصميمه الفريد، الذي لا نظير له في جميع أنحاء الإمبراطورية الرومانية، تم إنشاء هذا المعبد في القرن الثالث الميلادي.

معبدا نيحا: كنوز رومانية في قلب وادي البقاع

يضم وادي البقاع في لبنان معبدا نيحا، وقد بني المعبد الكبير منهما  على ضفاف نهر نيحا خلال القرنين الثاني والثالث الميلادي، إذ يتميز مدخله بأعمدة كورنثية مرتفعة، كما يحتوي على مجموعة غنية من المعالم الأثرية الهامة. كما ينقسم المعبد إلى قسمين رئيسيين: الصحن الكبير الذي كان المؤمنون يجتمعون فيه، وقُدْس الأقداس في الجزء الخلفي، وأكثر ما يثير الاهتمام هو التوجيه المتعامد لهذين القسمين الرئيسيين للمعبد، حيث يتجه كل منهما في اتجاه مختلف.

دليل حول أماكن سياحية في الإمارات

عين الحبش: موقع أثري يعكس حضارة الرومان في لبنان 

في منطقة تمنين الفوقا بوادي البقاع اللبناني، يوجد موقع أثري معروف باسم “عين الحبش” أو “عين الجب”، هذان الاسمان يشيران إلى معبد روماني أُقيم لتكريم الآلهة المياه المتدفقة، والتي تم نحت تمثالها على قطع حجرية في الموقع.

قصر نبا: تحفة رومانية على جبال لبنان

يقع قصر نبا الروماني في أعالي قرية قصر نبا الجبلية، بُني على دكة صخرية بارزة، متميزاً بالطراز المعماري الروماني المميز الذي نلاحظه في العديد من المعابد الرومانية في لبنان. وعلى بُعد كيلومتر ونصف تقع “وادي الحبيس”، التي تضم مجموعة من المغاور التي كانت تطل على مقالع رومانية منحوتة في الصخور، هذه المقالع الرومانية الأثرية حوَّلها القدماء إلى مدينة خيالية محفورة في الصخور، مما يوفر لنا نظرة ثاقبة على حياة وأنشطة الرومان في هذه المنطقة.

معابد الحصين: اكتشف روعة المعالم الأثرية في لبنان

من أقصى الشمال إلى الجنوب، تنتشر في لبنان العديد من المعابد الرومانية الشامخة، التي تُعد شاهداً على تأثير الحضارة الرومانية في هذه المنطقة. أحد أهم هذه المعابد هو “الحصين”، الواقع على تلة خضراء غرب بلدة أكروم، بالقرب من الحدود اللبنانية-السورية.

يرتفع “الحصين” حوالي 70 متراً عن بلدة أكروم، ويطل على بحيرة حمص من الجهة الشمالية الشرقية، وعلى وادي السبع من الجهة الغربية، وعلى باقي قرى جبل أكروم من الشمال. 

فيه قلاع وحصون وهياكل تعود إلى الحقبات اليونانية والرومانية، أبرزها معبد مكوّن من قسمين: القسم الشمالي يضم غرفة التقادم للآلهة أو المذابح، والقسم الغربي يضم “قدس الأقداس”، ويتميز بمدخل يتكون من قنطرة ضخمة من الحجارة، ما تزال قائمة حتى اليوم.

السفيرة: رحلة عبر معابد تاريخية تعكس الحضارة الرومانية 

على قمة جبل يطل على بلدة “السفيرة” في أقاصي منطقة الضنية، وعلى ارتفاعات تتراوح بين 1100 و 1350 متر، تنتشر بقايا مجموعة من الأبنية الرومانية التي تضم معابد وحصون، والتي تكمل بعضها البعض. إذ تشير الأبحاث التاريخية إلى أن هذا المجمع يتكون من ست بنى رئيسية، بُنيت خلال حكم عائلة سفيروس الرومانية، أي في القرنين الثاني والثالث الميلادي. حيث كان يُستخدم هذا الموقع والحصون للتواصل بالإشارات النارية مع مواقع أخرى متقابلة ولكن بعيدة، وذلك باستخدام شيفرات محددة من أجل تواصل القوات والوحدات التابعة للسلطات الرومانية.

قصر الناووس: شاهد على عظمة الرومان في جبيل

على طرف بلدة عين عكرين، فوق منطقة الكوسبا الكورانية، يقع موقع ضم معبدين رومانيين، يرتفع الموقع بنحو ستمائة متر عن سطح البحر، ويُطل على مسافات بعيدة في ثلاثة اتجاهات. أن أحد هذين المعبدين كان مكتمل البناء، إلا أنه أصيب بأضرار بسبب تقادم الزمن، بينما الثاني إما كان مدمر أو لم يكن مكتمل البناء.

جولة حول أشهر مناطق السياحة في استونيا

بزيزا: معبد روماني بين الطبيعة والتراث

تقع بلدة بزيزا أقصى الجنوب قريبة من قصر الناووس، تحتوي على موقع أثري يُعرف باسم “سيدة العواميد”، يضم هذا الموقع بقايا معبد روماني، حيث تظهر في واجهته الأساسية أربعة أعمدة متلاصقة، وتبلغ مساحته من الداخل نحو عشرين متر مربع، جداره الشرقي مستدير، ويُرجَّح أنه كان المذبح الخاص بالمعبد، وتنتشر فيه بقايا أثرية متنوعة كالأجران والحجارة المحفورة والملساء والمتداعية من الجدران.

يُعتقد أن بناء هذا المعبد الذي هو أحد آثار الرومانية في لبنان يعود إلى القرن الأول الميلادي، ثم تم تحويله إلى كنيسة في القرن الرابع أو الخامس الميلادي، ومن اللافت أن مذابحه، كمذبح معبد بعلبك، يتجه نحو الشرق، وهو ما يُشير إلى تبعيته لكرسي القديس بطرس في روما.

الآثار الرومانية في لبنان
الآثار الرومانية في لبنان

الأنشطة السياحية والترفيهية عند زيارة الآثار الرومانية في لبنان

هناك العديد من الأنشطة السياحية والترفيهية التي يمكن ممارستها عند زيارة المواقع الأثرية الرومانية:

  • الانضمام إلى جولات سياحية مرشدة لتعلّم المزيد عن التاريخ والثقافة الرومانية في الموقع.
  • بعض المواقع توفر جولات صوتية تفاعلية يمكن الاستماع إليها باستخدام الهاتف أو الأجهزة اللوحية.
  • التجوّل والتنقل بين المباني والهياكل الأثرية للاستمتاع بالمناظر التاريخية.
  • البحث عن آثار وتفاصيل معماريّة مختلفة في كل موقع.
  • المشاركة في إعادة تمثيل أو عروض تاريخية للحياة اليومية في العصر الروماني.
  • التجربة اليدوية لبعض الحرف والتقنيات الرومانية التقليدية.
  • الاستمتاع بالمساحات الخضراء والمناظر الطبيعية المحيطة بالمواقع الأثرية.
  • الاسترخاء والتأمّل في جو هادئ وتاريخي.
  • زيارة المتاحف المجاورة للحصول على معلومات إضافية عن الآثار والحضارة الرومانية.
  • المشاركة في المعارض والأحداث الثقافية المؤقتة المرتبطة بالمواقع الأثرية.

الأسئلة الشائعة:

هل سكن الرومان في لبنان؟

في عام 64 قبل الميلاد، استولى الرومان على المدن الفينيقية التي كانت تزخر بازدهار اقتصادي وفكري وثقافي. وقد منح الرومان المواطنة الرومانية لسكان مدن صيدا وصور وبيبلوس، كما قاموا ببناء معبد بعلبك وهياكلها، إضافة إلى الحمامات العامة ودار الحقوق في بيروت وهياكل صور، وتزامن ذلك مع ازدهار التجارة، حيث كان الفينيقيون يصدرون خشب الأرز والعطور والمجوهرات والنبيذ، كما قاموا بتعبيد الطرقات.

لا شك أن الآثار الرومانية في لبنان تُعد من أبرز المعالم السياحية والثقافية في البلاد. حيث تنتشر في جميع أنحاء لبنان آثار ضخمة لتلك الحقبة التاريخية المهمة، من المدرجات الضخمة في بعلبك إلى البقايا الأثرية الموزعة في أرجاء مدينة بيروت القديمة. لذلك فإن استكشاف الآثار الرومانية في لبنان يمنح الزائر نظرة ثاقبة على عظمة الإنجازات المعمارية والهندسية للحضارة الرومانية، كما تتيح هذه المواقع فرصة فريدة للتعرف على أنماط الحياة والعادات الاجتماعية السائدة في تلك الفترة التاريخية.

المصادر:

الميادين

ويكيبيديا 

وزارة الإعلام

شارك هذه المقالة
اترك تعليقا