قصر العظم! في سنة 1749 شيد والي دمشق باشا العظم قصراً جميلاً حيث جنّد لتنفذ ذلك أمهر العمال والحرفيين في المدينة، وعملوا في بناءه لمدة تزيد عن 3 أعوام كما استعمل في بنائه مختلف أنواع الفنون الدمشقية بما يتضمن: موزاييك، حجارة، نجارة وحدادة. لكنه تعرض لأضرار كبيرة أثناء القصف الفرنسي لدمشق نتيجة الثورة السورية سنة 192، ثمَّ رُمّم فيما بعد فأصبح نموذج رائع من نماذج العمارة الدمشقية بقاعاته وأقسامه. ثم تحوّل إلى متحف للتقاليد الشعبي ومركزاً للوثائق التاريخية، وأحد أشهر معالم الجذب السياحي في دمشق القديمة نتحدث أدناه في موقع تورزم تريك المزيد من التفاصيل حوله.
نبذة تعريفية حول قصر العظم
يقع قصر العظم في حي ساروجة آخر سوق البزورية في دمشق القديمة، من جهة الشمال، يتوضع في شماله الجامع الأموي الكبير.
- مساحته الكلية تبلغ 6400 م²، فهو أكبر وأقدم المساكن الخاصة في دمشق، كما ضرباً للعمارة السكنية الدمشقية نظراً لمظهره الخارجي البسيط وزخارفه الخلابة من الداخل.
- يتم تقسيم المبنى من الداخل إلى منطقة رسمية وأخرى خاصة فهو يتبع نظام العمارة السكنية الإسلامية عموماً، فهذه الخاصية لم تكن موجودة في البيوت المسيحية أو اليهودية في ذلك الحين.
وصف جمال قصر العظم في دمشق: تحفة معمارية تمزج بين الفن الدمشقي والتراث الإسلامي
يعتبر قصر العظم من أشهر المناطق السياحية في سوريا، كما يعد نموذجاً للفن المعماري الإسلامي المتطور، حيث يمثل تخطيطه ونمط بنائه وزخارفة في الحجر والرخام والخشب والمعدن صورة عن مباني دمشق في زمن العثمانيين.
- يدل بعض المؤرخين إلى وجود جناح في القصر يعود إلى عصور سابقة قبل بناء القصر الحالي، ويقع هذا الجناح القديم في الزاوية الجنوبية الشرقية من القصر.
- يوجد فيه بوابة ضخمة في داخلها باب صغير يطلق عليه اسم باب خوخة.
- يمكنك الدخول إلى القصر من خلال مدخل يوجد في يساره غرفة الحراسة، بعده ممر طويل المغطى بقبوة متصالبة، يليه جناح رسمي يؤدي إلى المضافة يسمى السلاملك.
- نُظمَّت السلاملك حول فسحة صغيرة لونها سماوي تمتلك إيوان في الجدار الجنوبي يحيط به غرفتان مخصصتان للاستقبال، مع غرف للضيوف ومطبخ.
- ومن هذا المكان يمكن الدخول إلى المنطقة الأكثر روعة في المبنى وهي الحرملك حيث تعيش الأسرة، وتقيم النساء والأولاد. تنتظم الغرف في هذه المنطقة حول فسحة سماوية واسعة أبعادها 56×24م، ولها بحرتان وحديقة في الوسط. تستخدم الغرف على الجهة الشمالية من الفسحة للمعيشة في الشتاء، وقد تم تزويدها برواق محمول على أعمدة كلاسيكية من البازلت جلبت من درعا وبصرى، ويقابل الرواق قاعة الاستقبال الثلاثية بزخارفها الرائعة من عجينة الحجر، وحدائق صغيرة إلى الشمال والشرق. يواجه الإيوان في الجهة الجنوبية الشرقية البحرة المستطيلة الكبيرة، ويجاوره الحمام، وهو قسم غير معتاد في البيوت الخاصة. وهناك قسم المطبخ المنظم بالطريقة نفسها حول فسحة سماوية، وفيه منطقة للعربات والخيول.
يمكن ملاحظة النوعية العالية للمواد التي تم استخدامها في بناء القصر في الأعمدة البازلتية من حوران، وفي الحجر الكلسي من المزة والزبداني وحلب، وفي الرخام الذي تم استيراده من إيطاليا على الأرجح، كما تزين اللوحات الخشبية الملونة الجدران والأسقف. - سنة 1830 جدد بناء القصر وزين بلوحات ثلاثية الأبعاد.
ترميم وتأهيل قصر العظم: الحفاظ على التراث الدمشقي وإعادة إحياء تحفة معمارية تاريخية
تعرض قصر العظم سنة 1945 للقصف من جيش الاحتلال الفرنسي، حيث تهدم القسم الجنوبي منه، ثم تحول إلى مدرسة، وبعد ذلك تعرض لحريق كبير في سنة 1956.
ثم استملكته مديرية الآثار والمتاحف السورية في سنة 1969 بعد رحيل صاحبه، وبدأت بترميمه وإعادة تأهيله سنة 1970م، حيث بقيت أعمال الترميم والتأهيل حوالي 10 سنوات، إذ تمت بدقة وأمانة، باستعمال مواد البناء التقليدية و أخشاب السقوف، كما زخرفتها بالألوان والتعتيق الذي كانت عليه، كما تم فك الأرضيات الحجرية وإعادة تركيبها ومعالجتها.
بعد ذلك في سنة 1980 أصبح نموذجاً للبيت الدمشقي العتيق، ثم في القرن 18 الميلادي، مع فرق وحيد أنها ليست للسكن، وانما مقراً متحف دمشق التاريخي ومركزاً للوثائق التاريخية.
أقسام قصر العظم: استكشاف الفناءات، الغرف الملكية، والأروقة التقليدية في قلب العمارة الدمشقية
تبين إدارة القصر أنه يتكون من كتلة المدخل والفناء الجنوبي المسمّى الحرملك، وكتلة المدخل والفناء الشمالي المسمّى السلملك.
تبلغ مساحة القصر 3136 م² مبني باستخدام الحجر واللبن والخشب، يتألف من 3 أقسام وحديقة خلفية.
- يوجد في القسم الخارجي الجنوبي باحة سماوية كما يوجد فيه جناح مخصص للزوار.
- في حين يوجد في القسم الأوسط باحة سماوية ثانية، وفسقية وإيوان مكون من قاعتين و4 قاعات أثرية، أكبر قاعة هي الشمالية جدرانها مكسية بزخارف هندسية شرقية. كما شكّل متحف دمشق التاريخي القسم الشمالي منه، فهو يتوزع على أكثر من قاعة مستقلة تعكس تاريخ وتراث دمشق، إضافة إلى فنون عمارة القاعات وزخارفها وأثاثها. فضلاً عن وجود حمام ومطبخ يعبّران عن التقاليد الاجتماعية في دمشق. كما يوجد في المتحف نماذج لنساء ورجال يمارسون روتين حياتهم اليومي.
مركز الوثائق التاريخية
يوجد وثائق هامة في أكثر من ٥ ملايين وثيقة ومخطوطة ترجع إلى عصر قبل خمسمائة سنة، كما يضم صور للنشاطات السياسية الذي
شهدتها سورية قديمًا على سبيل المثال: صور الملوك والزعماء والسياسيين، وغيرها تعكس طبيعة الحياة في البلد.
ويضم هذا المركز سبعة أقسام:
- القسم العثماني يحتوي سجلات المحاكم الشرعية في المدن السورية الرئيسية، والأوامر السلطانية العثمانية، وسجلات المحاكم و(الطابو).
- كما يوجد فيه قسم مخصص للوثائق الرسمية الصادرة عن الحكومات السورية بين سنتي 1920 و1966، بما يتضمن مراسيم جمهورية وقرارات وزارية ووثائق ذات صلة بالحدود والانتداب الفرنسي على البلد.
- فضلاً عن وجود نسخ الجريدة الرسمية السورية منذ سنة 1919 إلى الوقت الراهن.
- كما يضم القسم الخاص بالوثائق التاريخية مجموعة أوراق ومذكرات ورسائل لشخصيات سورية وطنية وسياسية بارزة لعبت دوراً في تحقيق الاستقلال والثورة على المستعمر، في المدة المتراوحة بين عامي 1910 و 1950. بما يتضمن: سلطان باشا الأطرش وفخري البارودي، وفوزي القاوقجي وسعد الله الجابري، وعبد الرحمن الشهبندر، وإحسان الجابري وغيرهم.
- كما يوجد قسم صحفي يضم صحف عثمانية وسورية قديمة ترجع إلى أواخر القرن ١٩.
- إضافة إلى ذلك، يوجد قسم مخصص للتصوير والميكرو فيلم فيه 6000 صورة فوتوغرافية لشخصيات سورية وعربية، ومجاهدين وشهداء السوريين.
- كما يوجد فيه 5000 كتاب من الكتب الهامة تختص بتاريخ سوريا والوطن العربي.
الجدير بالذكر أن إدارة المركز تطمح ليصيح مرجعاً علمياً لكل من الباحثين والمؤلفين وطلاب الدراسات العليا.
الأسئلة الشائعة حول قصر العظم
ماذا يوجد داخل قصر العظم؟
يوجد في قصر العظم متحف للتقاليد الشعبية والصناعات اليدوية، كما يوجد فيه عدة أقسام تجسد الحياة الاجتماعية في سورية أثناء فترة الاحتلال العثماني من ناحية المدارس التقليدية والملابس والمقهى الشعبي والعرس التقليدي واليوم الاجتماعي للمرأة السورية كما أنه مراسم الحج الشامي والطقوس المتعلقة بها.
لماذا سمي قصر العظم بهذا الاسم؟
يسمّى قصر العظم نسبة إلى آل العظم لأن أسعد باشا العظم بدأ بتشسيده ثم تابع بعده أبناؤه وسكنوه.
ما أهمية قصر العظم
يعتبر قصر العظم واحد من أبرز معالم مدينة دمشق القديمة في سوريا كما أنه من وطأجمل المباني الإسلامية. فهو نموذجًا للبناء الدمشقي القديم نظراً لحجارته الملونة وحدائقه الداخلية ونوافير الماء وقاعاته الدمشقية المميزة وأقسامه المتعددة. كما أنه من أبرز مقاصد السياح في دمشق القديمة.
خاتمة عن قصر العظم
باختصار، يعتبر قصر العظم تحفة معمارية دمشقية ومركزاً للوثائق التاريخية، حيث رحل عنه صاحبه وسكنه كل من دمشق وتاريخها سوياً.